Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

الفكــر البنــــاء

21 juin 2007

الطلاق في موريتانيا بين رحمة الشريعة الإسلامية وتعسف الرجل الموريتاني

لقد أصبح الطلاق في موريتانيا كطوفان نوح يهدد كل بيت ترفرف فيه الرحمة، وكل امرأة تأتلق الابتسامة على شفتيها عند المساء إذا ما رأت صغيرها يحبوا ليأوي إلى حضنها الدافئ، لا يتورع عنه رجل مهما كان تقاه وزهده، أو تخجل منه مطلقة مهما كانت جريرتها عظيمة، وقد أحرز المثقفون في هذا الميدان قصب السبق ؛ إنه سبب كثير من الآفات الاجتماعية التي تنخر في المجتمع الموريتاني" الزنا المقنع"، والانحراف السلوكي،  والفشل الدراسي، والفقر،  و التعاسة، وحتى "السكتة القلبية"
وتؤكد الدراسات النفسية والاجتماعية في العالم العربي إلى أن مخاطر الطلاق لا تقف عند المرأة والأطفال فحسب بل تشمل الرجل كذلك.

تقول دراسة نفسية اجتماعية أعدت في هذا المجال

  - 1 يسبب الطلاق للمرأة صدمة نفسية لأنها تشعر بأن زوجها طعنها في الظهر، حتى إن أن 85من النساء المطلقات اللائي شملتهن الدراسة يعانين مرض الاكتئاب عقب وقوع، وذلك لأن الطلاق مــن أصعـب المراحــل التـي قــد تواجهها المرأة  لأنه يعيدها إلى الصفر ويقلب حياتها رأسا على عقب فتشعر بالضياع، وتنتابها شكوك في إخلاص أي رجل يتقدم للزواج لها من جديد
  - 2
وتشير الدراسات النفسية والاجتماعية إلى أن الرجل لا يسلم من عواقب الطلاق فنسبة 37 % من الرجال المطلقين، يموتون بالسكتة القلبية بسب الاضطراب الذي يتعرضون له، ومن الغريب أن الدراسة تشير إلى أن النساء أكثر تحملا لصدمة الطلاق غالباً من الرجال

3 –
أما الأطفال فهم أكبر ضحايا الطلاق فنسبة   98% منهم  لا يستطيعون التركيز و31% يفشلون في الدراسة .
لقد استدعت مخاطر الطلاق المتفاقمة في العالم العربي أن مجموعة من شركات التأمين تفكر في إحداث عملية تأمين للمرأة العربية ضد مخاطر الطلاق وظلم الرجال.
وهذا ما يستدعي من كل غيور أن يسهم في معالجة هذا المشكل من زاويته، ومجال تخصصه،
وفيما يلي حكم الطلاق في الإسلام، وحكمة مشروعيته أوردها لعل جاهلا يرتدع، أو ناسيا يتذكر أو غافلا ينتبه

نظرة الشريعة الإسلامية إلى الطلاق
تنظر الشريعة الإسلامية إلى حكم الطلاق من منظورين  :
- حكمه من حيث هو تصرف شرعي تنقطع به الرابطة الزوجية بغض النظر عن حال الزوج وحال الزوجة.

- حكمه من حيث هو تصرف شرعي يقوم به شخص معين

حكم الطلاق من الجهة الأولى : اختلف العلماء في الأصل في الطلاق فذهب الجمهور إلى أن الأصل فيه الإباحة وذهب الأحناف ـ في أصح الروايتين عندهم ـ إلى أن الأصل في الطلاق الحظر وهي رواية عند الحنابلة، وقد رجح الشيخ الإمام محمد أبو زهرة، وسيد سابق، و الدكتور نور الدين عتر وغيرهم، نسب د عبد الكريم زيدان هذا القول إلى أكثر الفقهاء "المفصل في أحكام المرأة ج7 / 353



أدلة القائلين بأن الأصل في الطلاق الحظر

يقول ابن عابدين الحنفي في حاشيته : « وأما الطلاق فإن الأصل فيه الحظر بمعنى أنه محظور إلا لعارض يبيحه وهو معنى قولهم الأصل فيه الحظر،والإباحة للحاجة إلى الخلاص فإذا كان بلا سبب أصلا لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص بل يكون حمقا وسفاهة رأي ومجرد كفران النعمة واخلاص الإيذاء بها وبأهلها وبأولادها ولهذا قالوا إن سببه الحاجة الى الخلاص عند تباين الأخلاق وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعا يبقى على أصله من الحظر" حاشية بن عابدين ج3/228، 229"
ويقول ابن قدامة الحنبلي في معرض حديثه عن الطلاق الذي لم تدع حاجة إليه : « وقال القاضي فيه روايتان :
-
إحداهما أنه محرم لأنه ضرر بنفسه وزوجته وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه فكان حراما كإتلاف المال ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار"
-
الثانية أنه مباح لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ابغض الحلال إلى الله الطلاق" وإنما يكون مبغوضا من غير حاجة إليه وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حلالا، ولأنه مزيل
للنكاح المشتمل على المصالح المندوب اليها فيكون مكروها" المغني ج8/ 235"
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : "ولولا أن الحاجة داعية إلى الطلاق لكان الدليل يقتضي تحريمه كما دلت عليه الآثار والأصول ولكن الله تعالى أباحه رحمة منه بعباده لحاجتهم إليه أحيانا.
مما يدل لرواية الحظر ما ذكره الشيخ البهوتي الحنبلي من أنه لا يجب على" الابن" الطلاق إذا أمره به أبوه فلا تلزم طاعته في الطلاق لأنه أمر بما لا يوافق الشرع" كشاف القناع ج5/ 233 "
وأما الجمهور فقد استدلوا بقوله تعالى:  لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهـن« [البقرة الآية 236] لأن نفي الجناح وهو الإثم يقتضي الإباحة.
كما احتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر المتفق عليه:« ثم إن شاء امسك وإن شاء طلق قبل أن يمس »  متفق عليه "اللؤلؤ والمرجان الحديث 947"
حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم أنكر إيقاع الطلاق في الحيض لا في غيره كما احتجوا بالآثار الواردة عن الصحابة أنهم طلقوا.

بعض الملاحظات حيال هذه المسألة :

أ - إن الأدلة ليست قاطعة في أن الأصل في الطلاق التحريم كما أو أن الأصل فيه الإباحة، والآية الكريمة ليست أكثر دلالة على الإباحة منها على التحريم. قال القرطبي : "لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزوج لمعنى الذوق وقضاء الشهوة وأمر بالتزوج لطلب العصمة والتماس ثواب الله وقصد دوام الصحبة وقع في نفوس المؤمنين أن من طلق قبل البناء قد واقع جزءا من هذا المكروه فنزلت الآية رافعة للجناح في ذلك إذا كان أصل النكاح على المقصد الحسن" [ القرطبي ج 3 / 196 ]
ولاشك أن الطلاق قبل البناء أقل خطورة بكثير من الطلاق بعده ولا أدل على ذلك من كون المطلقة قبل البناء تبين من زوجها بمجرد الطلاق.
أما الحديث "ابغض الحلال إلى الله الطلاق " فإنه ليس نصا في أن الأصل في الطلاق الإباحة لأنه قد ينصرف إلى الطلاق الذي لا تدعو إليه ضرورة، لأنه ما دمنا متفقين على أن من الطلاق ما ليس حلالا كطلاق الحائض، وخصصنا به الحديث، فلا يبعد أن يقال بأن الطلاق دون حاجة ليس من الحلال.



أما الاستدلال بفعل السلف الصالح فلا يستقيم الاحتجاج به؛ لأن سبب الطلاق قد يكون خفيا ،والشارع لم يكلف الزوج بأن يكشف عن سبب طلاقه فكونهم طلقوا لا يدل على أن طلاقهم لم يكن لغير سبب، فيسقط الاحتجاج بهذه الأدلة جميعا.
ويبقى الاحتجاج بحديث ابن عمر من أقوى الأدلة على إباحة الطلاق،  ولكن الحديث الذي ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم « أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة » [ أحمد والترمذي] أكثر وضوحا في التحريم لأنه إذا كان هذا جزاء من تعاطي سبب الطلاق فما بالك  بمن أوقع الطلاق نفسه؟.
ب - أن القول بأن الأصل في الطلاق الإباحة أو الحظر لا تترتب عليه آثار قضائية  [ المفصل  في أحكام المرأة ج 7 / 353]   في الدنيا وإنما تترتب على ذلك آثار تربوية مهمة، وهي أن المسلم إذا اقتنع بحرمة الطلاق بدون سبب فإنه لا يقدم عليه خشية من الإثم.
ج - أن العلماء اتفقوا على جواز الطلاق إذا كان لسبب وجيه سواء أكان هذا السبب ماديا أو معنويا

حكم الطلاق من الجهة الثانية :

الزواج الأول الذي انتهي  بالطلاق   مقارنا ببعض الدول العربية



الدولة التاريخ
مصر 9,8% 1980
المغرب 17,8% 1980
تونس 4,7 % 1978
موريتانيا30,9% 1981

أما من الجهة الثانية فإن الطلاق يكون :
أ ـ محرما إذا وقع في الحيض أوفي طهر مسها فيه .
ب ـ ومكروها إذا كان لغير سبب مع استقامة الحال، وهذا القسم هو الذي تقدم الخلاف فيه هل الأصل فيه الحرمة، أم الكراهة
ج ـ ويكون واجبا إذا رأى ذلك الحكمان
د ـ ويكون مندوبا وذلك إن لم تكن عفيفة
هـ ـ ويكون مباحا إذا كان لا يريدها ولا تطيب نفسه أن يتحمل مؤونتها من غير حصول غرض الاستمتاع، وقد نفى هذا القسم النووي لأن الطلاق في نظره لا يكون مباحا مستوى الطرفين [  فتح الباري ج9/ 349 وفقه السنة ج 2/ 207 - 208 ]

حكمة تشريع الطلاق في الإسلام :

"لقد شرع الله تعالى الطلاق للحفاظ على الهدف الأسمى الذي شرع لأجله  النكاح فإذا عرفنا أن الله شرع النكاح لمقاصد سامية هي تأسيس حياة هنيئة آمنة تكفل إنجاب الذرية وحفظ النسل وتكوين المجتمع المتعاون السعيد فإننا نقول : أن هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها إلا إذا كان الزوجان متفاهمين متقاربين أو يملك كل منهما مادة هذا التفاهم والتقارب فيبذلها في سبيل ذلك فإذا اختلفت أمزجتهما وتنافرت طباعهما وأخلاقها وتعاكست مفاهيمهما عن الحياة أولم يكن أحدهما بالنسبة للآخر بحيث يملك تحقيق مقاصده في الزواج وساءت عشرتهما أصبح من الخير لهما من ناحية ولفكرة الزواج من حيث المبدأ حل هذه الرابطة القائمة بينهما وإنهاؤها" [ أبو زهرة أحكام الأحوا ل الشخصية ص  162 -163]

يقول بن قدامة : « والعبرة دالة على جوازه  فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضررا مجردا بإلزام الزوج النفقة والسكني وحبس المرأة مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة ، فاقتضي ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه  » [ المغني ج 8/ 234 - 235 ]
نسبة الطلاق في موريتانيا حسب التحقيق الوطني حول الخصوبة- وهو قديم  غير أنه هو المرجع حسب علمي - في حدود 13 %  وإن كانت وزارة المرأة تقدم النسبة على أنها 37 % وهي نسبة الزيجات الأولى التي انتهت بالطلاق أو الترمل، على امتداد حياة الأزواج بما في ذلك الطلاق الذي وقعت بعده المراجعة و أستئنفت الحية الزوجية
Publicité
Publicité
الفكــر البنــــاء
Publicité
Publicité